- نظرة عامة
مزيد من المنع والملاحقات القانونية والأمنية لنشطاء الإنترنت، هذا أبرز ما يميز وضع الإنترنت في مصر منذ عام 2017 ، حيث سن قوانين مخصوصة وتشكيل مجالس متحكمة والتوسع في الملاحقات الأمنية والتهديدات، وصولاً لسياسات الحجب بشكل غير عقلاني أو منطقي ، حتى لحكومة تعادي حرية التعبير.
وكغيرها من الحكومات البعيدة عن الديمقراطية ، ترغب الحكومة المصرية في الاستفادة من الانترنت ، لكن وفق تصورها فقط ، وهو الاقتصاد وتوفير الخدمات التي يتيحها ، دون أن تسمح للمواطنين بالاستفادة منه وفق تصورهم ، لسيما في النضال الديمقراطية والتعبير عن الرأي.
لذلك باتت مصر ، التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 مليون ، شبه خالية من الصحافة المستقلة بشكل حقيقي وليس مجازي ، والقلة من المواقع التي تحظي بمهنية مصداقية ، باتت محجوبة عن المتصفحين في مصر.
- التطورات في قطاع الاتصالات
حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمو أعلى من كافة قطاعات الدولة حيث بلغ نحو 16.4%، وبلغت نسبة مساهمة قطاع الاتصالات فى إجمالي الناتج المحلى نحو 8%، وذلك وفقا لمؤشرات الأداء الاقتصادى للربع الثاني من العام المالى الحالى 2018-2019 والتى أعلنتها وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى.
الا أن هذا لم ينعكس على تزايد اعداد مستخدمي الانترنت ، حيث توقف عددهم عند نحو 56 مليون مستخدم ، ويبدو أن ضعف الخدمة بالاضافة إلى التوسع في ملاحقة المنتقدين على وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما فيسبوك ، كان ضمن الاسباب الهامة في توقف عدد مستخدمي الانترنت عند هذا الرقم منذ عام 2017.
- البيئة القانونية لقطاع الاتصالات والانترنت
مع قانون مكافحة جرائم الإنترنت الذي تم إقراره في أغسطس 2018، فإن حوالي 45% من المصريين “مستخدمو الإنترنت في مصر”معرضين لأسباب مختلفة للحبس وللغرامات بسبب الإدلاء بأرائهم السياسية أو الدينية على صفحات التواصل الاجتماعي، بالإضافة لتجريم اوجع عديدة من استخدام الانترنت ، هذا بالإضافة لقوانين تنظيم الصحافة والإعلام التي شملت عقوبات من حبس وغرامة وحجب للمواقع والمدونات وحتى الصفحات الشخصية.
نشرت الجريدة الرسمية في العدد 32 مكرر ج، الصادر في 14 أغسطس 2018 نصوص القانون رقم 175 لسنة 2018، المعروف باسم مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بعد أن تم مناقشته في البرلمان في إبريل من العام نفسه، وحتى نهاية سبتمبر 2019 فإنه لم يصدر بعد اللائحة التنفيذية الخاصة به، وينص القانون على 29 عقوبة منها السجن من 3 شهور وحتى 5 سنوات، وأيضاً الغرامة التي تبدأ بـ 10 آلاف جنيه وحتى 20 مليون جنيه، كما يمنع القانون نشر أي معلومات عن تحركات الجيش والشرطه، أو نشر أفكار جماعات إرهابية -المصطلح الغير محدد في القانون-، كذلك يسمح القانون بحجب مواقع وصفحات على أساس تلك الاتهامات، ويحمل القانون أوجه واضحة للقمع الكامل للإنترنت، ويعطي الحق للتفتيش والبحث وضبط البيانات للجهات القضائية، ويشمل القانون أربعة أبواب تتضمن 45 مادة ولم تصدر لائحته حتى اللحظة.
كما أن لجنة الإتصالات في مجلس الشعب قد وافقت على مشروع قانون خاص بحماية البيانات الشخصية، وهو مكون من 49 مادة، ومن أبرز مواد مشروع القانون، أنه سينتج عنها ما يسمى بالهيئة العامة الإقتصادية وتسمى “مركز حماية البيانات الشخصية”، ويكون تخصصها تنظيم ومعالجة، وإتاحة البيانات، ويكون للعاملين بها صفة الضبطية القضائية، كما أن مشروع القانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من جمع أو تداول أو عالج أو أفصح أو أفشى أو أتاح بيانات شخصية بأية وسيلة من الوسائل في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بدون موافقة الشخص المعنى.
كما صدر قانون تنظيم الصحافة والإعلام و المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بعد أن صدَّق الرئيس السيسي عليه في أغسطس 2018، وينص القانون رقم 180 لسنة 2018 على عدد من المواد المتعلقة بالصحافة الإلكترونية، وأطلق عليه الكثيرون بشكل عام القانون الذي أعدم الصحافة كما أن القانون حول أي حساب شخصي على صفحات التواصل الإجتماعي تجاوز عدد متابعيه ال5 آلاف لمنصة إعلامية يسري عليه قواعد وقوانين وعقوبات المنصات الإعلامية
- الشبكات الاجتماعية
ضمن نحو 56 مليون مستخدم للانترنت في مصر ، يتصدر موقع فيسبوك الصدارة في عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية، حيث تقدر الشبكة العربية عددهم بـ 46مليون مستخدم ، في حين يأتي موقع يوتيوب في المرتبة الثانية بنحو 35مليون مستخدم ، كما تزايد عدد مستخدمي تويتر ليبلغ نحو 7,5 مليون مستخدم.
- الحجب والرقابة
حجب ومنع ومحاولة لفرض ظلام كامل على حرية تداول المعلومات وسلب حرية استخدام الانترنت ، هذا ملخص الوضع الخاص بالحجب والمراقبة في مصر منذ 2017 وحتى اليوم، وقد بلغ عدد المواقع المحجوبة، أعداد هائلة تجاوزت الـ 500 موقع إلكتروني محجوب في مصر من شهر مايو 2017 وحتى سبتمبر 2019، منهم 108 موقع صحفي، والباقي بين مدونات ومواقع حقوقية ومواقع خدمات ، ومن من أشهر المواقع الصحفية المحجوبة جميع مواقع مجموعة الجزيرة الإعلامية والجزيرة الوثائقية والجزيرة الإنجليزية، موقع عربي 21 الإخباري، موقع ساسة بوست، موقع مدى مصر ، موقع مصر العربية، موقع جريدة العربي الجديد الذي يبث من لندن، موقع جريدة البديل، موقع جريدة البداية، موقع جريدة بوابة يناير،موقع حركة حركة شباب 6 أبريل الإخباري.
كما طال حجب مزودي الخدمات أنفسهم مثل موقع متصفح تور الذي يستعمله المتصفحون حول العالم لتجنب الحجب، وفي أغسطس 2017 بدأت السلطات المصرية في حجب المواقع التي تقدم خدمات VPN والبروكسي التي تساعد على تجاوز الحجب، وشمل عدد ضخم من المواقع حتى أن بعضها كان متوقف بالفعل من قبل الحجب!، وتم حجب موقع مشروع (i2p) وموقع مشروع (Free Internet) وهي مواقع تساعدك في استخدام شبكة الإنترنت مع الحفاظ على خصوصية ومجهولية المستخدمين.
كما حجبت السلطات المصرية أيضاً مواقع حقوق الإنسان، لا سيما المستقلة، ومنها موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمفوضية المصرية لحقوق والحريات ، وموقع منظمة هيومان رايتس وواتش ومنظمة مراسلون بلا حدود.
وقد حققت السلطات المصرية رقم قياسي في سرعة حجب موقع معارض، حيث حجبت السلطات المصرية موقع “كاتب” الصحفي في تسع ساعات فقط من انطلاقه!،
وزارة التربية والتعليم ونظام الامتحانات عبر الإنترنت
حاولت وزارة التربية والتعليم تطبيق نظام الإمتحان عبر الإنترنت بإستخدام جهاز تابلت مخصوص تم توزيعه على الطلاب، وبدأت التجربة بطلاب الصف الأول في المدارس الثانوية في امتحاناتهم، وفشلت الوزارة في عقد امتحان اللغة العربية في الموعد المقرر له يوم 24 مارس 2019، واستمرت الإمتحانات تتعرض للمشاكل والتعطيل بسبب “وقوع السيستم، واشتكى الطلاب من عدم إمكانية الوصول لمنصة الامتحان الإلكتروني في النظام الجديد، وفسرت الوزارة هذا الفشل بأنه “بوقوع السيستم”، ونتج عن هذا الفشل عدد من المظاهرات في 21 مايو في عدد من المحافظات من طلبة أولى ثانوي تعرضت للاعتداء الأمني وبعض الاعتقالات في صفوف الطلبة.
- الملاحقة والتهديدات الامنية
قبل صدور قانون جرائم الإنترنت بشكل نهائي، رصدنا مئات الحالات لاعتقالات وأحكام ضد نشطاء وسياسيين ومواطنين فقد لإبداء رأي على صفحتهم على مواقع التواصل، وبتهم تخص الإنترنت ووسائل التواصل بشكل عام، نحاول أن نذكر عدد مما رصدناه، ونذكر بعض الأمثلة بتهمة “إساءة استخدام وسائل التواصل الإجتماعية” و تهمة “نشر أخبار كاذبة”.
- لا والنبي يا عبده، هو اسم حملة ساخرة ظهرت في نوفمبر 2017، لرفض ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية، وتم إلقاء القبض على مؤسس الحملة الصحفي “أحمد عبدالعزيز” و 28 شخص وإتهامهم بتهم مختلفة منها “نشر أخبار كاذبة” وكانت الحملة انتشرت على مواقع السوشيال ميديا وحدها وكانت تنتوي الانتقال للشارع وجمع توقيعات ضد ترشحه، قبل أن يتم إلقاء القبض عليهم واتهامهم في القضية رقم 1 لسنة 2018 جنايات أمن دولة، وتم الحكم فيها بالسجن ل 9 متهمين حضوريًا 5 سنوات من ضمنهم المؤسس، ومعاقبة 12 متهمًا غيابيًا بالسجن 5 سنوات، و5 آخرين غيابيًا بالسجن 15 سنة من ضمنهم الفنان هشام عبد الحميد، وبراءة متهميْن آخريْن غيابيًا.
- قضية إحتفالية حزب الكرامة والتيار الشعبي، في 25 يناير 2019 تجمع بعض النشطاء والسياسيين للإحتفال بذكرى الثورة في المقر الرسمي لحزب الكرامة، إلا أنهم فوجئوا بعدها بيومين أنه تم إلقاء القبض على 6 من أعضاء الحزب، وانضم بعدها متهمون آخرون للقضية رقم 1739 لسنة 2018 حصر أمن دولة، وتتضمن تلك القضية اتهامات بنشر أخبار وبيانات كاذبة، اساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الإجتماعي، ولازالت قيد التحقيقات.
- ملك الكاشف، استخدام حساب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك للإخلال بالنظام العام. التهمة التي اعتقلت على خلفيتها مع تهمة الانضمام لجماعة إرهابية ! ملك هي فتاة متحولة جنسيا في ال19 من عمرها. ملك الكاشف تعرضت للحبس في ظروف غير مناسبة لحالتها بسبب منشوراتها على الفيسبوك لمدة شهرين تقريباً قبل أن يتم إخلاء سبيلها على ذمة القضية نفسها السابق ذكرها رقم 1739 لسنة 2018 حصر أمن دولة. في يوليو 2019.
- القضية 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، هي قضية أخرى بدأت في بداية عام 2018 تم ضم متهمين فيها في أوقات مختلفة وتتضمن الاتهامات نشر أخبار كاذبة، ومن ضمن المتهمين مدون وناشط سياسي وطبيب أسنان ومحامي ومدقق لغوي وعدد متنوع من المهتمين بالشأن العام، ومن ضمنهم محمد خالد، الطالب الذي تم إلقاء القبض عليه على خلفية نشره فيديو على صفحته الخاصة على موقع الفيسبوك، ينتقد فيها إنتخابات رئاسة الجمهورية، وتم التحريض عليه من قبل الإعلامي أحمد موسى ليتم إلقاء القبض عليه بالفعل ليلتها!
- أمل فتحي، قضية رقم 7991 لسنة 2018 جنح المعادي، تم إلقاء القبضعليها على خلفية نشرها لفيديو تنتقد فيه موقف خاص بجريمة تحرش تعرضت لها وكانت في حالة إنفعال حاده، وانتقدت فيه أوضاع البلد بشكل عام، مما تسبب في الحكم عليها بعامين سجن وغرامة قدرها عشرة آلاف جنيه، والتهم كالعادة من ضمنها “إشاعة أخبار كاذبة عن طريق الإنترنت”.
- النقابية سيدة السيد محمد فايد، والنقابي وجدي السيد علي، تم إلقاء القبض على النقابية سيدة فايد في القضية رقم 29377 لسنة 2018 جنح حلوان وتم اتهامها بنشر أخبار وبيانات كاذبة، وذلك بسبب انتقاد أوضاع التمريض في مصر على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك، وكذلك النقابي وجدي السيد في القضية رقم 5053 لسنة 2018، والذي أتهم في نفس الواقعة أيضاً بنشر أخبار كاذبة.
- الكاتب محمود محمد إمام، المتهم في القضية رقم 1959 لسنة 2018 إداري الخصوص، والمتهم بإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل، وهذا على خلفية كتابته منشورات تنتقد النظام على صفحته الخاصة على الفيسبوك، واحتجز لمدة عام ونصف تقريباً حبس احتياطي ومازالت القضية قيد التحقيق حتى كتابة هذا التقرير.
- المحامي الحقوقي محمد رمضان، تم إلقاء القبض على المحامي الحقوقي محمد رمضان في القضية رقم 140 لسنة 2017 كلي شرق نيابات جنايات الإسكندرية، ووجهت له النيابة عدة اتهامات منها إهانة رئيس الجمهورية، وإساءة استعمال وسائل الإتصال، وتم الحكم بمعاقبة محمد رمضان غيابيا، بالحبس 10 سنوات غيابيا وإلزامه منزله 5 سنوات، ومنعه من استخدام وسائل الإنترنت 5 سنوات!، وقام بعمل إعادة إجراءات واستمر تداول القضية حتى يونيو 2018 قررت المحكمة وقف نظر الدعوى لحين الفصل في الدعوى الدستورية المرفوعة من دفاع المتهم،
وفي نهاية عام 2018 تم إلقاء القبض على محمد رمضان مرة أخرى في القضية رقم 16576 لسنة 2018 منتزة أول، على خلفية نشر المحامي صورة له وهو مرتدي سترة صفراء كدعابة عابرة بعد مظاهرات فرنسا، وتم اتهامه مرة أخرى بعدة اتهامات منها نشر أخبار وبيانات كاذبة والتحريض على التظاهر!