نظرة عامة
تحتكر الدولة اللبنانية ملكية البنية التحتية لوسائل الاتصال، ولكن رغم ذلك تعتبر أسعار الاتصالات والإنترنت من أعلى الأسعار في المنطقة العربية. ويرجع السبب في ذلك إلى تحميل المستخدم ضريبة القيمة المضافة، التي تمثل أعلى إيرادات الحكومة اللبنانية. هذا بالإضافة إلى زيادة تكاليف تشغيل شبكات الاتصالات والإنترنت، بسبب تفشي الفساد داخل الجهاز الحكومي.
وعلى الرغم من أن الحكومة اللبنانية سعت إلى تطوير البنية التشريعية، بما يتلائم مع شروط الشفافية في الإدارة وحق تداول المعلومات، من خلال إقرار القانون 28 لسنة 2017، المتعلق بحق الوصول إلى المعلومات، إلا أن القانون ظل حبرا على ورق.
وفي حين كان لبنان يعتبر من أكثر الدول العربية انفتاحاً، واحتراماً لحرية الرأي والتعبير، إلا أن هذه الفترة شهدت تراجعا في حرية الرأي والتعبير بشكل عام، وحرية الإنترنت بشكل خاص، وتزامن ذلك مع تنامي نفوذ التيارات المحافظة والانتماءات الطائفية، وفرضهالرؤيتها على الحكومة اللبنانية.
- التطورات في قطاع الاتصالات
تتطور البنية التحتية للاتصالات والإنترنت ببطء في لبنان، ويرجع ذلك لعدة أسباب، منها احتكار الحكومة لسوق الاتصالات، إلى جانب الفساد الإداري، والتقسيم الطائفي للحكم في البلاد.
وتتحكم وزارة الاتصالات اللبنانية في البنية التحتية الأساسية لجميع شركات الاتصالات والإنترنت وغيرها، من خلال مؤسسة “أوجيرو” العامة المملوكة للدولة اللبنانية.
وبموجب عقد اتفاق بين الحكومة وشركتي “MTC touch”، التي تديرها شركة “زين” الكويتية، وشركة “ALFA”، التي تديرها وتشغلها شركة “أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا” المصرية، تقوم هاتان الشركتان بإدارة وتشغيل شبكتي المحمول على أن تتحمل وزارة الاتصالات مصاريف التوسعة أو التجهيز.
وأكد تقرير برلماني في 16 سبتمبر 2019، على ارتفاع أسعار اشتراك خدمات الهاتف وخدمات الإنترنت، التي تفرضها الحكومة لصالح الخزينة العامة، وهو ما يساهم في انخفاض استخدام اللبنانيين للإنترنت، كما أكد التقرير على زيادة نفقات التشغيل مقارنة بدول العالم، وغياب الرؤية الشاملة حول تغطية كامل الاراضي اللبنانية بخدمة أفضل للإنترنت بتكلفة أقل.
ويقدر عدد المشتركين في خدمات الهاتف المحمول في لبنان بنحو 4.4 مليون مشترك تقريباً، بنسبة انتشار 64.7%، بينما يقدر عدد المشتركين في خدمات الهاتف الثابت 890 ألف مشترك تقريباً.
- البيئة القانونية لقطاع الاتصالات والإنترنت
أقر مجلس النواب، يوم 19 يناير 2017، قانون رقم 28، المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات، ونشر في الجريدة الرسمية،في فبراير 2017. وأوجبت المادة السابعة من القانون على جهات الإدارة أن تنشر، على المواقع الإلكترونية التابعة لها، القرارات والتعاميم والمذكرات، وكذلك جميع العمليات التي بموجبها يتم دفع أموال عمومية تزيد عن خمسة ملايين ليرة لبنانية، باستثناء رواتب وتعويضات الموظفين.وفي المادة الثامنة، أوجب القانون على الإدارات نشر التقارير السنوية لها، وأوكل إلى الجهات المسؤولة عن الإشراف على القضاء مهمة نشر التقارير السنوية الخاصة به، ونصت المادة التاسعة على أن ينشر جميع ما سبق على المواقع الإلكترونية للإدارات المختصة.
كما صدق مجلس النواب اللبناني بتاريخ 24 سبتمبر 2018، على قانون رقم 81، بعنوان “المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي”، ونشر القانون في العدد 45 من الجريدة الرسمية يوم 18 أكتوبر 2018، ودخل حيّز التنفيذ في، 18 يناير 2019، بعد ثلاثة أشهر من صدوره في الجريدة الرسمية.
ويتكون القانون من خمسة أبواب، يتضمن الباب الأول الأحكام القانونية المتعلقة بالكتابة والإثبات بالوسائل الإلكترونية، ويتعرض الباب الثاني للتجارة الإلكترونية، كما يتضمن الباب الثالث الأحكام القانونية المتعلقة بالنقل إلى الجمهور من خلال خدمة اتصال مباشر دون إفشاء الهوية.أما الباب الرابع فيتناول أسماء المواقع على شبكة الإنترنت، وتنظيم كيفية منح وإدارة أسماء المواقع المتعلقة بالنطاق اللبناني، أما الباب الخامس فيحدد أهداف معالجة المعلومات ذات الطابع الشخصي وضوابطها والمعالجات الممنوعة قانوناً.
- الشبكات الاجتماعية
يشكل إحصاء عدد سكان لبنان أحد أكثر المسائل حساسية، بل يمكن اعتباره من المحرمات، وذلك بسبب حالة الاحتقان الطائفي بين التيارات السياسية.و تشير أرقام البنك الدولي إلى أن عدد سكان لبنان يصل نحو 6.8 مليون نسمة مابين مواطن ومقيم.
وتشير التقديرات إلى زيادة بطيئة في عدد مستخدمي الإنترنت،فتظهر الأرقام أن عدد المستخدمين يقدر بنحو 5.5 مليون مستخدم. وفيما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي فقد أظهرت التقديرات تخطي عدد مستخدمي فيسبوك حاجز 3.8 مليون مستخدم، بينما استمر عدد مستخدمي موقع تويتر حول رقم 350 ألف مستخدم.
- الحجب والرقابة
أثارت تقارير صحفية قضية استخدام شركة “ألفا” لتكنولوجيا الفحص العميق لحزم البيانات “DPI”، المجهزة لكشف بيانات المُستخدمين وحركتهم، وعزم شركة “تاتش” على شراء هذه التقنية أيضاً.وتسمح هذه التقنية بتحديد وكشف سلوك مُستخدم الانترنت من خلال الهاتف المحمول، مع ما يتضمّنه من تسجيل جميع التطبيقات والمواقع التي يزورها، فضلاً عن معرفة الجهات التي يتواصل معها عبر التطبيقات غير المشفّرة.
وخلال هذه الفترة استخدمت وزارة الاتصالات سياسة حجب المواقع الإلكترونية سواء لارضاء الجماعات المحافظة، أو لمنع الأصوات الناقدة والداعية إلى محاربة الفساد واحترام حقوق الإنسان.وعلى سبيل المثال حجبت السلطات اللبنانية، يوم 21 أبريل 2019، موقع هذا لبنان “This is Lebanon.org”، المتخصص بتوثيق الانتهاكات بحق العاملات الأجنبيات في لبنان. كذلكأصدر مدير عام الإستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات، باسل الأيوبي، يوم 24 مايو 2019، قراراً بحظر تطبيق المواعدة Grindr، المستخدم بكثرة في أوساط مجتمع الميم.
- الملاحقة والتهديدات الامنية
9 قضايا تلاحق الصحفي فداء عيتاني على خلفية منشور فيسبوك
استدعى القضاء اللبناني الصحفي ”فداء عيتاني”، صباح 10 يوليو 2017، للتحقيق معه، قبل إحالته إلى “مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية”، في تسع دعاوى قضائية، أقامها ضده وزير الخارجية، جبران باسيل، بسبب تعليقات “عيتاني” على حسابه في موقع “فيسبوك”، انتقد فيها مسؤولين لبنانيين بسبب معاملتهم اللاإنسانية مع اللاجئين السوريين في لبنان، وكرر استخدام عبارة “بلاد بتسوى جبران باسيل،إنتوا أكبر قدر”، في ختام كل تعليق.
ورفض عيتاني الاعتذار والتوقيع على عدم التعرض لباسيل، فتحولت الدعوى إلى القضاء، وتم الإفراج عنه بضمان محل الإقامة على ذمة القضية.
سافر فداء العيتاني إلى بريطانيا طالباً اللجوء السياسي، ثم توالت الأحكام الغيابية الصادرة ضده. ففي 29 يونيو 2018 أصدرت القاضية المنفرد الجزائية في بعبدا، نادين نجم، حكماً غيابياً يقضى بحبس فداء عيتاني أربعة أشهر، وإلزامه بدفع مبلغ عشرة ملايين ليرة (6600 دولار تقريباً)، على سبيل التعويض، بزعم تعرضه للوزير جبران باسيل بـ”السب والقذف والتحقير” في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بناء على شكوى تقدم بها المحامي ماجد بويز بوكالته عن الوزير باسيل.
وصدر أحدث حكم رصدته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، على خلفية هذه القضية، في يناير 2019، وكان للقاضي الجزئي في بعبدا، أحمد شحادة، الذي قضى بسجن فداء عيتاني 22 شهراً وإلزامه بدفع غرامة مالية تصل إلى 75 مليون ليرة (حوالى 50 ألف دولار أميركي)، بتهمة “إهانة وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل”.
استدعاء الناشطة هنادي جرجس بزعم تحقير رئيس الدولة
استدعى مكتب جرائم المعلوماتية يوم 11 أغسطس 2017، الناشطة هنادي جرجس، 27 عاماً، بزعم “تحقير رئيس الدولة والسب والقذف والتشهير”، وذلك على خلفية تعليقات على حسابها في موقع فيسبوك تنتقد فيها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وبعد منتصف ليل 11 أغسطس، نقلت جرجس إلى سجن “حبيش”، رهن التحقيق وأحيل ملفها إلى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال التابع له عنوان سكنها، ثم أعيدَ نقلها صباح يوم 12 أغسطس، إلى نظارة قصر العدل في طرابلس، إذ تسلم ملفها القاضي غسان باسيل.
وفي 14 أغسطس 2017، تم إخلاء سبيل هنادي من قصر العدل في طرابلس على ذمة القضية بضمان محل الإقامة، وإحالة الملف إلى القاضي المنفرد الجزائي في طرابلس.
التحقيق مع الصحفي هاني النصولي بسبب تعليق على واتساب
مثل الصحفي هاني النصولي، مؤسس ومدير موقع “بيروت قضيّتي” للتحقيق أمام المباحث العامة، يوم 19 سبتمبر 2018، واستمر التحقيق معه لمدة تزيد عن ثلاث ساعات في الدعوى المقامة ضده من السيّد نادر الحريري “بتهم السب والقذف وإثارة النعرات الطائفية وتعكير صلات اللبنانيين مع دولة شقيقة”، وذلك بسبب تسجيل صوتي أرسله النصولي إلى جروب على تطبيق “واتساب” ينتقد فيه صورة لنادر الحريري وهو بصحبة رجل أعمال مقرب من السلطات السورية.
وأوضح المحققون للنصولي بأن نادر الحريري أدلى في نص الدعوى بأنه قد اعتزل العمل السياسي، لذا وقع النصولي تعهداً “بعدم التعليق على نشاطات نادر الحريري ما دام الأخير خارج العمل السياسي”، وانتهى التحقيق بإطلاق سراحه بضمان محل الإقامة.
اعتقال داوود مخيبر بسبب فيديو على مواقع التواصل
اعتقلت قوة أمنية المواطن داوود مخيبر، يوم 8 مايو 2019، بزعم “سب وإهانة رئيس الجمهورية”، وذلك على خلفية انتشار فيديو له يتوجه فيه برسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وصهره وزير الخارجية جبران باسيل، يسجل فيها اعتراضه على إمداد خطوط الضغط العالي قرب المساكن في منطقة المنصورية، شمال بيروت بالقوة، وأعلن أسفه لانتخاب نواب التيار الوطني الحرّ، وإيصال الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة.
اعتقال عدنان فرحات بسبب رسالة على “واتساب”
اعتقلت الشرطة القضائية، يوم الاثنين 13مايو 2019، المواطن عدنان فرحات، من حبّوش في قضاء النبطية، ويحمل الجنسية الامريكية إثر انتشار رسالة صوتية له على “واتساب”، عبر فيها عن غضبه من السياسيين اللبنانيين عموما، وانتقد بشكل خاص رئيس مجلس النواب نبيه بري وعائلته، وتم إخلاء سبيله، بعد يومين بكفالة مالية قدرها 500 ألف ليرة لبنانية (نحو 330 دولار أمريكي).
محاكمة محمد وهبة بتهمة تحقير رئيس الجمهورية
أوقف الأمن العام الشاب محمد وهبة، في مطار بيروت الدولي، يوم 18 يوليو 2019، وسلّمه للمخابرات لمحاكمته أمام القضاء العسكري بتهمة “تحقير وذم رئيس الجمهورية عبر اتهامه بالعمالة”، ونشر تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من شأنها “إثارة النعرات الطائفية”. وفي 30 يوليو أعلنت المحكمة العسكرية الدائمة عدم صلاحياتها لمحاكمة وهبة.
دعوى دار الصياد ضد جورج طرابلسي
أقامت إدارة دار الصياد للصحافة والنشر، خلال أغسطس 2019، دعوى قضائية على ممثلها في مجلس نقابة الصحافة جورج طرابلسي، أمام مكتب جرائم المعلوماتيّة، بزعم “السب والقذف والتشهير”، على خلفية نشر طرابلسي عبر حسابه الخاص على “فيسبوك”، صورة لمؤسس دار الصياد الراحل، سعيد فريحة، يلوم فيها أبناءه على ما وصل إليه حال الدار، وهو ما اعتبره القائمون على الدار إهانة موجّهة إليهم.