يمكن أن يطلق على البحرين بلد قمع المدافعين عن حقوق الإنسان، فالسلطات البحرينية لم يكفيها سجنهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم ونقد انتهاكات حقوق الإنسان لكنها تنتهك حقوقهم كسجناء وتمنع عنهم الزيارة والعلاج ويعاملون بقسوة داخل سجن جو سيء السمعة.
وتلاحق القوات البحرينية الصحفيين والنشطاء والمدونين بسبب عملهم الصحفي وتغريداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتستخدم البحرين عقوبة إسقاط الجنسية عن كثير من المواطنين كنوع من القمع، وتجبر من تسقط جنسيته على التقدم للحصول على الإقامة كأجنبي أو ترحيله قسرًا.
وفيما يلي نماذج من الانتهاكات التي شهدتها حرية التعبير في البحرين عام 2018 .
انتهاكات ضد الصحفيين والنشطاء والمدونين :
سجن المدون سيد علي الدرازي على مجمل تغريداته
بتاريخ 20 فبراير 2018، تم اعتقال المدون على الإنترنت سيد علي الدرازي وتعرض للمعاملة السيئة والضرب المتكرر من قبل المحققين واضطر إلى إغلاق جميع حسابات وسائل الإعلام الاجتماعي.
في التاسع من مايو ٢٠١٨، اتُهم سيد علي الدرازي باستخدام منصات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص تويتر لنشر ٢٠٠ تغريدة على مدى 5 سنوات تحرض على الكراهية ضد حكومة البحرين، وإهانة الملك والعائلة المالكة، كما زعم القاضي. وحُكم على سيد علي الدورازي من قبل المحكمة الجنائية الدنيا الخامسة بالسجن لمدة عامين.
وسيد علي الدورازي ناشط على الإنترنت ويبلغ من العمر ٢٥ عاماً وقام بتغطية الاحتجاجات المدنية في البحرين، وكان مشهوراً بانتقاد الحكومة.
الصحفي محمد عبد الرضا الجزيري
في ١١ مارس ٢٠١٨، أيدت محكمة استئناف بحرينية أحكاما بالسجن لمدة ١٥ عامًا ضد الصحفي محمود عبد الرضا الجزيري وجردته من جنسيته بزعم أنه عضو في خلايا إرهابية.
كانت محاكمة محمود عبد الرضا الجزيري جماعية لعدد من المواطنين أبرزهم الناشط علي المرج الذي حكم عليه أيضًا بالسجن 25 عامًا، وكانت المحاكمة قصيرة ولم يأخذ القاضي أي وقت للاستماع إلى المحامي الذي يمثل محمود عبد الرضا الجزيري وعلي المرج.
وعمل محمود الجزيري في جريدة “الوسط”، قبل أن يتم إغلاقها في منتصف ٢٠١٧، وكان معروفًا بانتقاده لكل من الحكومة وقيادة الحراك المدني في البحرين. وفي ٣٠ أكتوبر ٢٠١٧، حُكم عليه بالسجن لمدة ١٥ سنة وتجريده من جنسيته.
وألقت قوات الأمن البحريني بزي مدني القبض على الجزيري في 2015 بعد اقتحام منزله، وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من كتابة مقال يتناول جلسة مجلس الشورى في البحرين، والتي طلب خلالها أحد النواب من السلطات معاقبة البحرينيين الذين ألغيت جنسيتهم لأسباب سياسية عن طريق حرمانهم من المساكن الحكومية.
واتهم محمود الجزيري بدعم الإرهاب، والتحريض على كراهية النظام، وإجراء اتصالات مع دولة أجنبية، والسعي للإطاحة بالحكومة من خلال الانضمام إلى حركة وفاء وحركة شباب ١٤ فبراير، وتعرض الجزيري للمعاملة السيئة في الحجز بما في ذلك تعصيب العينين وعدم السماح له بالجلوس أو النوم لمدة 3 أيام قبل أن يقدم للمحاكمة.
المصور سيد أحمد الموسوي
أيدت محكمة الاستئناف البحرينية في ٢٧ مارس ٢٠١٨، الحكم بالسجن لمدة ١٠ سنوات على المصور سيد أحمد الموسوي.
كان قد حُكم على الموسوي بالسجن لمدة 10 سنوات في ٢٣ نوفمبر ٢٠١٥، وتم تجريده من جنسيته.
وعلى الرغم من أن محكمة التمييز ألغت الحكم في ٢٠١٧، إلا أنه تم إرسال القضية للطعن لتستمر بينما تم احتجازه تعسفياً.
واعتقلت السلطات سيد أحمد الموسوي، مع شقيقه، في ١٠ فبراير ٢٠١٤ من منزلهم في بلدة الدراز، وتعرض الموسوي للتعذيب أثناء احتجازه في مديرية التحقيقات الجنائية لمدة 6 أيام، وعلقه ضباط الأمن على باب 4 مرات وصعقوه بالكهرباء ولم يسمحوا له بالجلوس لمدة 4 أيام وجردوه من ملابسه وضربوه وانتشرت اخبار انهم اعتدوا عليه جنسياً، ولم يتم إجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب.
وبعد تسعة أشهر من الاعتقال، تم تقديم الموسوي للمحاكمة في ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤، واتهمه المدعي العام بتشكيل خلية إرهابية والمشاركة فيها، وتقديم شرائح خليوية للمتظاهرين (الذي سماهم المدعي العام “إرهابيون”) والتقاط صور لمظاهرات معادية للحكومة، لقد نفى هو وشهود آخرون أنه كانت له أي علاقة بأعمال الشغب.
والموسوي مصور حر فاز بـ ١٦٩ جائزة دولية للتصوير الفوتوغرافي – عدد من الجوائز فاز بها حتى أثناء احتجازه، وهو عضو في الفدرالية الدولية لفن التصوير وعضو جمعية التصوير الفوتوغرافي الأمريكية وصناعات الصور المتحدة والقطيف للتصوير.
المصور سيد باقر الكامل
في 27 أبريل 2018 ألقت القوات البحرينية القبض على سيد باقر الكامل مصور مجلة “ناشيونال جيوغرافيك” لتنفيذ حكم بحبسه سنتين الذي صدر غيابيا بسبب احتجاجات وأعمال شغب في 2016، وظل الكامل يومين معزولا عن العالم الخارجي
واستأنف سيد باقر الكامل على الحكم ودفع كفالة قدرها ١٠٠ دينار بحريني (نحو ٢٦٦ دولارًا أمريكيًا) حتى يتم الإفراج عنه لحين موعد جلسة المحكمة المقبلة في ٢٠ مايو ٢٠١٨، التي تم تأجيلها ولم تصدر محكمة الاستئناف حكمها حتى كتابة هذا التقرير.
نزيهة سعيد
أيدت محكمة التمييز في 4 يونيو 2018 حكمًا صادرًا بحق نزيهة سعيد مراسلة راديو مونت كارلو وفرنسا 24، بغرامة ألف دينار بحريني ( نحو 2660 دولارًا أمريكيًا) بتهمة العمل من دون ترخيص.
وتعمل نزيهة لدي مونت كارلو منذ 14 عامًا ومراسلة لـ”فرنسا 24″ منذ 10 سنوات وحاولت أكثر من مرة التقدم بطلب للحصول على ترخيص إلا أن السلطات رفضت منحها الترخيص.
وكانت محكمة الاستئناف البحرينية قد قضت في 18 يوليو 2017 بتغريم نزيهة مبلغ ألف دينار على خلفية بلاغ تقدمت به وزارة شئون الإعلام إلى النيابة العامة في 18يوليو 2016، تتهم فيه الإعلامية نزيهة سعيد، بممارسة العمل الإعلامي كمراسلة لإذاعة أجنبية (مونت كارلو الدولية)، بدون ترخيص.
ويذكر أنه سبق اعتقال نزيهة على خلفية تغطيتها الإعلامية لمظاهرات 11فبراير 2011، في دار اللؤلؤة، وتعرضت للتعذيب خلال 13 ساعة في مركز شرطة الرفاع.
الناشطة نجاح أحمد يوسف
قضت محكمة بحرينية في 25 يونيو 2018 بسجن الناشطة الإلكترونية نجاح أحمد يوسف 3 سنوات بسبب إدارتها صفحة على الإنترنت تنشر فيها أخبار الاحتجاجات ضد إقامة سباق “الفورمولا وان” في البحرين، واتهمتها النيابة بالترويج “لتغيير النظام” عبر حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي.
وأخبرت نجاح المحكمة بأن عناصر الأمن “اعتدوا عليها جسديًا، وحاولوا أن يمزّقوا ثيابها، وقاموا بلمس أعضائها الجنسية وهددوا باغتصابها” إلا أنّ ذلك لم يؤثر على مسار المحاكمة.
انتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان
في 15 يناير أيدت محكمة التميز في البحرين حكم حبس المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب المدير المؤسس لمركز الخليج لحقوق الإنسان سنتين، وجاء الحكم بسبب مقابلات تلفزيونية أجراها رجب عامي 2015 و2016 مع وسائل إعلام أجنبية، قال فيها إن الدولة تمنع المنظمات الحقوقية والصحافة العالمية والدولية من دخول البلد، وتستهدف المعارضين بدوافع سياسية وليست قانونية.
وفي 5 يونيو 2018، أيدت محكمة الاستئناف العليا في البحرين حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات ضد نبيل رجب، في قضية أخرى، بسبب تغريداته حول الحرب في اليمن والتعذيب في سجن جو سيء السمعة.
ويهدد النظام البحريني توجيه الاتهام إلى نبيل رجب في 14 قضية أخرى معلقة.
يذكر أن المدافع الحقوقي نبيل رجب قد اعتقل في 13يونيو 2016 بتهمة “ارتكاب جناية إذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة وبث دعايات مثيرة في زمن حرب من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية التي تخوضها القوات المسلحة البحرينية وإضعاف الجلد في الأمة”، وذلك على خلفية تغريدات انتقد فيها الحرب على اليمن والتعذيب في سجن جو.
ويعاني نبيل رجب في اعتقاله حالة من الإهمال الطبي فقد أُعيد يوم 5أبريل 2017، من المستشفى إلى مركز شرطة الرفاع الغربي، حيث يحتجز بشكل روتيني في الحبس الانفرادي بعد يوم واحد من إجراء عملية جراحية في ظهره، وأجبر على البقاء بالملابس الملطخة بالدم وحرم من أدوات النظافة لمدة يومين مما أدى إلى تلوث الجرح واضطرت السلطات إلى إعادة نقله إلى المستشفى في 8 أبريل مرة أخرى.
بدأ رجب نشاطه الحقوقي في تسعينيات القرن الماضي، وسُجن عدة مرات منذ عام 2012بتهم تتعلق بأنشطته السلمية في مجال حقوق الإنسان، كما مُنع من السفر خارج البحرين منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
عبد الهادي الخواجة
رفضت البحرين في 4 أبريل 2018 دخول لارس اصلان راسموسن، عضو البرلمان الدنماركي، وبراين دولي من مركز الخليج لحقوق الإنسان بزعم أنهما يشكلان “خطرًا أمنيًا، وكانا ينتويان زيارة المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة المسجون منذ عام 2011، بزعم أنهما يشكلان “خطرًا أمنيًا”.
واحتجزت السلطات النائب الدنماركي وعضو المركز 25 ساعة في مطار المنامة وحجزت جوازي سفريهما، ومنعتهما من الدخول.
و عبد الهادي الخواجة مواطن بحريني يحمل الجنسية الدنماركية ، ألقي القبض عليه في أبريل ٢٠١١، وتعرض للتعذيب، وحُكم عليه بالسجن المؤبد بعد محاكمة عسكرية غير عادلة، وهو الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان، ومنسق الحماية السابق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة فرونت لاين ديفندرز، وعضو في الشبكة الاستشارية الدولية في مركز الموارد للأعمال وحقوق الإنسان، والفائز بالعديد من جوائز حقوق الإنسان الدولية.
وحكم بالسجن المؤبد على الخواجة بعد اتهامه بالمشاركة في “مؤامرة لقلب نظام الحكم والتخابر مع منظمة إرهابية تعمل لصالح دولة أجنبية”، وذلك إثر مشاركته في الاحتجاجات التي اندلعت في البحرين في إطار “الربيع العربي”، ويتعرض الخواجة لسوء المعاملة في محبسه، فقد أعلن إضرابه عن الطعام في 2012 استمر 58 يوما نقل على إثره إلى المستشفى لتدهور حالته الصحية، وطلبت الدنمارك مرارًا تسليم الخواجة الذي يحمل جنسيتها بسبب “حالته الصحية الحرجة” لكن البحرين رفضت.
ناجي فتيل
في 12 نوفمبر 2018 وضع المدافع البحريني عن حقوق الإنسان، ناجي فتيل، في الحبس الانفرادي في سجن “جو” عقب تسريبه لتسجيل صوتي ناشد فيه منظمات حقوق الإنسان بالتدخل بشكلٍ عاجل لإعطائه العلاج المناسب وإنهاء الاعتداءات عليه في السجن، حيث يقضي مجموع أحكام تبلغ 25 عامًا.
وفي تسجيل صوتي من سجنه في البحرين، قال ناجي فتيل إنه عانى من الألم نتيجة لسوء المعاملة منذ اعتقاله التعسفي في مايو ٢٠١٣، وقال إن هذا كان انتقاماً لممارسته حقه في حرية التعبير والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان.
لقد حُكم على ناجي فتيل، عضو مجلس إدارة جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان ، بالسجن لمدة ١٥ سنة في سبتمبر ٢٠١٣، بتهمة إنشاء “مجموعة لغرض تعطيل الدستور” بموجب المادة ٦ من قانون الإرهاب المثير للجدل.
وكانت التهم ذريعة لإسكاته ومعاقبته على مشاركته في أنشطة تابعة للأمم المتحدة وعلى دوره في توثيق الانتهاكات ضد الاحتجاجات السلمية، وعانى ناجي فتيل من مشاكل صحية في السجن.
العقاب الجماعي بإسقاط الجنسية
في ١٥ مايو ٢٠١٨ أصدرت محكمة بحرينية حكماً بإسقاط الجنسية عن 115 مواطنًا والسجن المؤبد على ٥٣ آخرين وأحكام بالسجن على ٦٢ بفترات تتراوح بين 3 و١٥ عاماً في حين برأت ٢٣ متهماً آخرين .
جاءت هذه الأحكام بعد محاكمة جماعية غير عادلة واعتمدت فيها المحكمة على اعترافات شاع انها انتزعت تحت التعذيب .
ووجهت المحكمة إلى المتهمين اتهامات متعلقة بالإرهاب وارتباطهم بجهات خارجية، ولم تثبت هذه الاتهامات سوى من الاعترافات التي انتزعت تحت التعذيب من المتهمين أثناء التحقيق .
وتعرض عدد كبير من المتهمين للتعذيب والاختفاء القسري الذي امتد إلى أكثر من 30 يوماً، كما تعرضوا للضرب والتهديد للإجبار على الاعتراف.
وتستخدم البحرين عقوبة إسقاط الجنسية لجعل مواطنيها عديمي الجنسية ويتم ترحيلهم بعيدًا عن البلاد كنوع من القمع، ويتم إجبار المحكوم عليهم بهذه العقوبة بتسليم جوازات سفرهم وبطاقات هويتهم ويجبرونهم على التقدم للحصول على تأشيرة إقامة كأجنبي أو ترحيلهم خارج البلاد.
ورحلت البحرين 4 مواطنين في 28 يناير 2018 إلى دولة العراق ضمن 10 متهمين أسقطت عنهم محكمة بالبحرين الجنسية على خلفيه اتهامهم بالإضرار بأمن الدولة.
الشيخ على سليمان
قضت محكمة الاستئناف العليا في البحرين في 4 نوفمبر 2018 بالسجن المؤبد على زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان بتهم “التخابر مع قطر وتسليم أسرار دفاعية”، ويشمل الحكم بالمؤبد الشيخ حسن سلطان وعلي الأسود العضوين بجمعية الوفاق والقياديين الشيعيين مساعدا سلمان.
وكانت النيابة البحرينية قد وجهت للثلاثة تهمة “التخابر مع دولة قطر” من أجل “القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية، والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج”، إضافة إلى “قبول مبالغ مالية من دولة أجنبية”.
وتم اعتقال زعيم المعارضة الشيعية في 2014، وحكم عليه في يوليو 2015 بالسجن 4 أعوام بتهمة “التحريض” على “بغض طائفة من الناس” و”إهانة” وزارة الداخلية، وقررت محكمة الاستئناف زيادة مدة العقوبة إلى 9 أعوام بعدما أدانته أيضا بتهمة “الترويج لتغيير النظام بالقوة”، قبل أن تقرر محكمة التمييز في خطوة نادرة خفض العقوبة إلى 4 سنوات مرة أخرى قبل أن تعاد محاكمته مرة أخرى ويدان بالسجن 25 عامًا.