ما زالت السودان تحافظ على موقعها ضمن قائمة الدول الأكثر عداء لحرية التعبير في العالم العربي والعالم عموما ، فما زال العمل بالصحافة يمثل خطورة على الصحفين، حيث يعاقبون في السودان على انتقادهم للحكومة أو تغطية الانتهاكات ضد الاحتجاجات بالسجن والمنع من الكتابة والتهديد بالاعتقال، كما تصادر الصحف التي لا تلتزم بالتعليمات الشفهية التي ترسل إليها من من قبل اجهزة المخابرات.
وقد أجرى النظام السوداني تعديلات على قانون الصحافة تضمنت منح جهة الإدارة سلطة مصادرة الصحف ومنع الصحفيين من الكتابة.
واستمرت ملاحقة المدونيين ونشطاء الانترنت ، لاسيما من دعموا المتظاهرين المحتجين على موجات الغلاء وارتفاع الأسعار، وظل مصير كثير من المعتقلين مجهولا حتى أفرج عنهم في أبريل الماضي.
ووثقت الشبكة العربية العديد من انتهاكات حرية الرأي والتعبير منها على سبيل المثال ما يلي:
انتهاكات ضد الصحفيين والصحف:
• بدأ عام 2018 باعتقال 7 صحفيين، ففي 17 يناير قام جهاز الأمن والمخابرات السودانية باعتقال 7 صحفيين هم:
– أمل هباني “صحفية حرة”،
– رشان أوشي من صحيفة “المجهر السياسي”
– امتنان الرضي من صحيفة “اليوم التالي”
– مجدي العجب من صحيفة “الوطن”
– شوقي عبد العظيم، وخالد عبد العزيز من وكالة “رويترز”
– عبد المنعم أبو إدريس بوالوكالة الفرنسية
وذلك أثناء تغطيتهم لموجة الاحتجاجات التي اندلعت في السودان اعتراضا على ارتفاع الأسعار وغياب فرص العمل، ثم قامت السلطات السودانية بإخلاء سبيل الصحفيين بعد 4 أيام من احتجازهم .
• وفي 2 مارس قرر رئيس تحرير صحيفة الجريدة أشرف عبد العزيز والصحفي حسن وراق قضاء عقوبة السجن شهر بدلا من دفع الغرامة التي وصلت لـ30 ألف جنيه سوداني لكل منهم والتي قضت بها محكمة جنح الخرطوم على خلفية اتهامهما بالإساءة لسمعة السودان في مقال كتبة حسن وراق في صحيفة الجريدة عام 2016 عن الفساد في أراضي ولاية الجزيرة، وبالفعل تم حبس الصحفيين في سجن أم درمان.
• وفي 8 مايو استدعت النيابة الكاتب الصحفي أحمد يونس بصحيفة “الشرق الأوسط” اليومية التي تصدر بالعربية من لندن، وتم التحقيق معه وصرفه من النيابة، واستكمل التحقيق معه يوم 10 يونيو، وأصدرت النيابة قرارا بسحب ترخيص عمله في السودان لمدة شهرين، بسبب تناول مقالته فسادا في السكة الحديد .
• وفي 21 يونيو أجاز مجلس الوزراء السوداني تعديل قانون الصحافة والمطبوعات، والذي أعطى المجلس القومي للصحافة صلاحيات واسعة لتعليق صدور الصحف ومنع الصحفيين من الكتابة، ومنح القانون للمجلس تعليق صدور الصحف لمدة 15 يومًا بدلا من 3 أيام وإيقاف الصحفيين عن الكتابة للمد التي يراها مناسبة إذا خالف الصحفي الشروط قانون والتي من بينها الإساءة للحاكم، وأعلن رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين الصادق الرزيقي رفضه للتعديلات مطالبًا بإسقاطها، واعتبر العديد من الصحفيين والإعلاميين القانون تشييع لحرية الصحافة لأن ما منحه إجمالاً من حريات سحبه تفصيلاً عبر العقوبات والجزاءات.
• في 7 يوليو منع جهاز الأمن السوداني الصحفية سلمى التجاني من الكتابة في اي صحيفة سودانية وخاصة جريدة “أخبار الوطن” التي تعمل بها حتى الآن، وتلقت إخطاراُ من السلطات بواسطة رئيسة تحرير صحيفة أخبار الوطن هنادي الصديق بمنعها من الكتابة، كما أصدر جهاز الأمن أمرًا لكل الصحف بمنع الصحفية من الكتابة، وذلك بسبب تناولها أزمة المحكمة الجنائية الدولية وفساد أسرة الرئيس السوداني عمر البشير.
• وفي 26 يوليو استدعت السلطات السودانية الصحفية ورئيسة تحرير جريدة “أخبار الوطن” هنادي الصادق حول ما اعتبره المسئولون الأمنيين تجاوز للخطوط الحمراء ووجهت قوات الأمن إنذارا شديد اللهجة لهنادي الصادق مطالبين إياها بالكف عن التجاوز المزعوم وأبلغوها بمنع نشر مقالات الصحفية سلمى التيجاني.
• وكانت صحيفة “أخبار الوطن” قد نشرت مجموعة من المقالات تناولت ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وانتقدت مقالات أخرى تدنى الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد في السودان.
• وفي 9 أكتوبر استدعت نيابة أمن الدولة في السودان خمس صحفيين هم: رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” أشرف عبد العزيز، والصحفيات شمائل النور ومها التلب “التيار” ولينا يعقوب “السوداني” وشوقي عبد العظيم “رويترز” للاستجواب بناءً على تقدم الجهاز الأمني ببلاغ ضد الخمسة صحفيين على خلفية عقدهم لقاء مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى الخرطوم جان ميشيل ديموند الذي استدعته السلطات السودانية وأبلغته رفضها عقد لقاء مع صحفيين سودانيين وتم إخلاء سبيلهم من النيابة بعد 3 أيام من الاحتجاز.
• في 29 أكتوبر أصدرت محكمة سودانية حكمًا بالسجن شهر ونصف الشهر وغرامة 5 آلاف جنيه سوداني على كلا من: الصحفيين زين العابدين العجب رئيس التحرير السابق لصحيفة “المستقلة” ورضا باعو الصحفي بذات الجريدة وذلك في اتهامها بنشر معلومات كاذبة في تحقيقين أجراهما حول تورط السودان في دعم تنظيم الدولة الإسلامية وتلقي تمويل من قطر، وأخلت المحكمة سبيله بعد طعنهم في الحكم .
مصادرة الصحف
•اعتمدت السلطات في السودان على مصادرة الصحف التي تطرح رؤى مغايرة لما تراه السلطة.
– حيث تم مصادرة جريدة التيار قبل صدورها في 16 يناير بسبب التحقيقات التي رصدت سخط قطاعات واسعة من الشعب السوداني بسبب إعلان الحكومة السودانية رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، ومن بينها الدقيق، ما سبب غلاء الأسعار وخاصة الخبز الذي ارتفع بنسبة 100%.
– وفي 17 يناير قام جهاز الأمن والمخابرات، بمصادرة، صحيفة “الجريدة” المستقلة من المطبعة لمدة يومين، بسبب رفض إدارة تحرير الجريدة الاستجابة للتعميم الشفاهي من جهاز الأمن بعدم تغطية الاحتجاجات التي اندلعت في السودان خلال يومي 17 و18 يناير، وهو ما تكرر أيضا في 4 يوليو و5 أغسطس دون إبداء أسباب.
– ذات الانتهاك تكرر مع صحيفة الأخبار حيث تم مصادرتها يوم 21 يناير، وذلك قبل خروج الأعداد من المطبعة إلى مراكز البيع، دون إعلان الأسباب.
– وفي 4 أكتوبر تم مصادرة جريدة “التيار” للمرة الثانية دون إبداء أسباب، إضافة إلى قيام جهاز الأمن بالتحقيق مع رئيسي تحرير صحيفتي الجريدة والتيار 10 أكتوبر بسبب حضورهما اجتماع مع سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم الذي ناقش أوضاع الحريات في البلاد.
– وفي 10 أكتوبر صادرت السلطات صحيفة ” الجريدة” مرة أخرى لمدة يوم، وتم التحقيق مع رئيس تحريرها بسبب حضوره لقاء مع مندوب الاتحاد الأوروبي في السودان.
• لم يتوقف المنع والمصادرة في السودان ففي 10 أكتوبر استدعى جهاز الأمن والمخابرات الوطني الطاهر التوم مدير قناة سودانية 24 ومقدم برنامج حال البلد على خلفية حلقة استضاف فيها قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حامد حميدتي، وأبلغ جهاز الأمن الطاهر مقدم البرنامج عقب التحقيق بإيقاف برنامج حال البلد، كما لوحوا بإغلاق القناة نهائية حال استمرت في نهجها المنتقد لنظام الحكم.
انتهاكات حق التجمع السلمي
• في 16 يناير استخدمت الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات، لتفريق متظاهرين يحتجون على غلاء الأسعار، وتظاهر مئات الأشخاص بالقرب من القصر الرئاسي، في العاصمة الخرطوم، احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز، وأطلقت شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع، وضربت متظاهرين بالهراوات لتفريقهم. وفي مساء 16 يناير قامت قوات الأمن باقتحام منزل نائب رئيس الحزب الشيوعي السوداني، صديق يوسف وتفتيش منزله واعتقاله وتم إخلاء سبيله في 22 فبراير، إلى جانب عدد من المتظاهرين، وقال بيان من رئيس بلدية الجنينة إن طالبا بالمدرسة الثانوية قتل وأصيب 6 آخرين بالمدينة أثناء الاحتجاجات يوم 16 و17 يناير، ولم يعلن المسئول سبب الوفاة لكنه قال إن تحقيقا سيجري في الحادث ولم يجرى حتى الآن.
• واعتقلت السلطات السودانية المئات من المحتجين في تظاهرات يناير وأفرجت عن العشرات ولم تفرج عن المئات منهم ، وارسل ذوي المعتلقين برسالة الى المنظمات الدولية يوم 12 فبراير تطالب بإطلاق سراح أبنائهم والكشف عن أماكن احتجازهم بعد اعتقالهم من تظاهرات ضد رفع أسعار الخبز، ولم يتم الاستجابة لمطالب الأهالي إلا بعد قرار الرئيس عمر البشير باخلاء سبيل كل المعتقلين على خلفية تظاهرات 17 و18 يناير في 7 أبريل.
في يوم 26 سبتمبر أعلن المئات من المعلمين السودانيين الإضراب عن العمل للمطالبة بتحسين هيكل الأجور الخاص بهم، وهددهم الحاج علي منصور وزير التعليم السوداني بالفصل وتعيين معلمين آخرين، وقامت قوات الأمن بملاحقة المعلمين المضربين واستدعى بعضهم لأمن الدولة وتم فض الإضراب تحت ضغط السلطات السودانية.
ملاحقة المدونين ونشطاء القوى سياسية
• في 16 يناير اعتقل الناشط السياسي عبد اللطيف عبد اللطيف علي من قبل جهاز المخابرات والأمن الوطني أثناء مشاركته في مظاهرة بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم، واحتجز سرًا ولم يعلم أحد بمكان احتجازه منذ ذلك الحين، وتم إطلاق سراحه في 10 أبريل عقب إصدار قرار العفو عن كل المعتقلين في التظاهرات التي شهدتها السودان في يناير.
• في 8 نوفمبر أعلن جهاز الأمن الوطني السوداني توجيه تهمة التجسس وإثارة الحرب ضد الدولة للناشط السياسي محمد البوشي، والتي قد تصل عقوبتها للإعدام بسبب انتقاداته للنظام في السودان على الفيسبوك.
وكان البوشي، وهو عضو سابق في حزب البعث المعارض، قد احتُجز قبل ذلك بسبب مواقفه السياسية. ففي 2011 احتجزه عناصر الأمن الوطني في الخرطوم لعدة أسابيع بعد خطاب انتقد فيه المستشار الرئاسي والحزبي المتشدد نافع علي نافع.
وفي أواخر 2013 احتُجز لعدة أشهر خلال قمع الحكومة لإحدى التظاهرات. وتعرض للضرب واحتُجز في ظروف سيئة في المرتين. وقال أقاربه إنه انتقل في 2017 إلى القاهرة وطلب حماية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واستمر بانتقاد الحكومة السودانية عبر فيسبوك ووسائل تواصل اجتماعي أخرى. ولم تستطع الشبكة العربية توثيق الاخبار التي ترددت عن تسليم القاهرة للناشط السوداني للسلطات السودانية ، الا أنه يقبع بالسجون الان.