رغم محاولات المجتمع المدني التونسي إقرار وثيقة الحقوق والمبادئ الأساسية للحفاظ على القانون والدستور، وضبط العلاقة بين السلطات الثلاثة، ورغم إصدار تشريع يساوي بين الرجال والنساء في الميراث وغيرها من الإجراءات التي يعتبرها المجتمع المدني خطوة على طريق الحرية، إلا أن حرية التعبير في تونس تعاني من التعثر .
فما زال هناك اعتداء على حرية الصحافة والصحفيين ومنع الإعلاميين من ممارسة العمل، كما منعت قوات الأمن التظاهر، واستخدمت العنف ضد المتظاهرين السلميين ما أدى إلى وفاة مواطن ، وانتحار صحفي احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية ، واعتقال المئات خرجوا للتعبير عن رأيهم، إضافة إلى التذرع بمواجهة الإرهاب لملاحقة النشطاء والمدونين وإحالة بعضهم للمحاكمات العسكرية، رافق ذلك حملات تشوية وتخويف وصلت لحد التهديد باغتصاب الصحفيين، كما اعترف وزير الداخلية التونسي بالتصنت على الإعلاميين .
وفيما يلي نماذج للانتهاكات التي شهدتها حرية التعبير والصحافة في تونس خلال 2018.
الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين
• هددت قوات الأمن الصحفي رشدي الجراي مراسل منصة “أصوات مغاربية” التابعة لقناة الحرة للتهديد في 27 من يناير 2018، وقامت بمنعه من التغطية واحتجاز بطاقته وهاتفه المحمول لمنعه من تغطية اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن أثناء مظاهرات رافضة لسياسات التقشف بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية.
• وأوقفت قوات الأمن الصحفي خليل زروق الذي يعمل بقناة الحوار التونسي يوم 29 يناير، وهو بصدد العمل أثناء تغطية موجة الاحتجاجات التي شهدتها تونس بسبب التقشف وغلاء الأسعار، وتم التحقيق معه في قسم الشرطة وإطلاق سراحه.
• واعترف وزير الداخلية التونسي لطفي براهم، في 1 فبراير خلال جلسة استماع أمام لجنة الأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب عن رصد أجهزة الداخلية المكالمات الهاتفية للصحفيين، وأشار إلى رصد مكالمة هاتفية بين مراسل صحفي وأحد المحتجين أثناء الاحتجاجات التي شهدتها تونس ضد قانون المالية الجديد في 14 يناير، وبدلا من محاسبة الوزير على خرق القانون ، تم التحقيق مع الصحفي الذي تم التنصت على مكالماته وتم إخلاء سبيله بعد ذلك.
• ودعا نور الدين الغطاسي الناطق باسم نقابة قوّات الأمن الداخلي بصفاقس يوم 2 فبراير باغتصاب الصحفيين الرجال على حسابه الرسمي على فيسبوك، وذلك ردًا على يوم الغضب الصحفي الذي نظمته نقابة الصحفيين اعتراضًا على تصريحات وزير الداخلية التي اعترف فيها بالتنصت على الصحفيين، وتقدمت نقابة الصحفيين التونسيين ببلاغ وتم التحقيق مع الغطاسي وتم إخلاء سبيله من النيابة.
• قام مجهولون بالتعدي على الطاقم الصحفي للقناة الوطنية الأولى يوم 28 فبراير، أثناي إعداد تقرير حول غلاء السيّارات الشعبية في تونس، حيث قاموا بالاعتداء بالضرب المصور الصحفي أنور المغزاوي، والصحفي أيمن الرابعي وحاولوا تهشيم آلة الكاميرا.
• في 12 مارس استجوبت قوات الأمن الصحفي التونسي حمدي التليلي مراسل قناة “فرنسا 24” في منزله بطريقة غير قانونية، وحاول أفراد الأمن الذين كانوا يرتدون زيًا مدنيًا وليس معهم أذون تفتيش أو تحقيق معرفة هوية المصادر التي تمد الصحفي بمعلوماته حول الفساد وعمليات التهريب والإرهاب.
• وفي 5 أبريل اختطف مجهولون نجل الصحفي مولدي الزوابي العامل بوكالة تونس أفريقيا للأنباء، الذي يبلغ من العمر 12 سنة على خلفية عمل والده الصحفي، ويعتبر ذلك سابقة تسجل في الاعتداءات على الصحفيين وأسرهم. وتم العثور على الطفل بعد 12 يومًا من الاختطاف على الحدود الفاصلة بين ولايتي جندوبة وباحة ملقى بأحد الأودية، وعثر عليه مواطنون وأبلغوا الوحدات الأمنية. واستجوب الخاطفين الطفل حول نشاط والده السياسي والصحفي متوعدين بقتل والده وأمه.
• وفي 9 أغسطس تعدي أفراد من قوات الأمن بالضرب على الصحفي رامي هيثم المحضي الصحفي براديو أوليس ومراسل قناة الزيتونة، وتم نقل الصحفي إلى مستشفى الصادق المقدم بجربة لتلقي الإسعافات اللازمة، وتطلب هذ الاعتداء راحة بـ5 أيام حسب ما جاء في التقرير الطبي.
وكان فرد أمن قد منع رامي المحضي من الدخول لحضور ندوة صحفية وحدثت مشادة بينهم فاعتدى عليه فرد الأمن ودفعه بالقوة نحو سيارة أمنية، قبل أن يتدخّل عدد من الإعلاميين وأحد المسؤولين الأمنيين لمنعه.
• وفي 2 نوفمبر مثلت الصحفية بصحيفة “الشروق” الخاصة، منى البوعزيزي، أمام النيابة العامة بتهم نشر أخبار كاذبة أدت لإرباك الرأي العام، على خلفية حديثها عبر قناة “نسمة” الخاصة عن شبهة فساد تعلقت بـ “نائب كان رئيس بلدية”.
وتم التحقيق مع منى أمام وحدة البحث بالنيابة العامة على خلفية معلومات نشرتها تعلقت بـ5 قضايا إرهابية، اثنتان منها ارتبطتا برجل أعمال والبقية ارتبطت بعمليتين إرهابيتين وتم إخلاء سبيلها من النيابة على ذمة التحقيقات.
سبق وأن تلقت منى البوعزيزي العديد من التهديدات العام الماضي من قبل إرهابيين بسبب كتاباتها بقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب.
• وفي 22 نوفمبر تعرض فريق قناة الزيتونة الفضائية إلى الاعتداء من قبل مجموعة من المشاركين في التجمع الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل بساحة باردو اعتراضا على تدني الأجور وتنفيذ إجراءات التقشف وفقا لشروط صندوق النقد الدولي، وتقدم الفريق بمذكرة لنقابة الصحفيين بسبب تعرضهم للعنف وتكسير كاميراتهم.
• ما زال مشروع قانون الإعلام المرئي والمسموع محل جدل بالرغم من انتهاء البرلمان منه وإرساله لرئيس الجمهورية للتصديق عليه، واعتبر نشطاء ومراقبون ومنظمات أن إنشاء هيئة للاتصال السمعي والبصري يهدد المكاسب الدستورية في مجال حرية التعبير والصحافة مطالبين باستقلالية هذه الهيئة الدستورية وضمان شفافية أعمالها.
منع التظاهر والتعبير الجماعي عن الرأي
• في الذكرى السابعة لثورة الياسمين بتونس يوم 11 يناير 2018 لقي مواطن تونسي حتفه أثناء اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين غاضبين بالعاصمة على خلفية رفع أسعار بعض السلع وإقرار ضرائب جديدة تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي .
• وألقت قوات الأمن القبض وفقا للناطق باسم وزارة الداخلية التونسية على 780 تونسيًا في 13 يناير 2018 خلال 5 أيام من بدء المظاهرات احتجاجا على الإجراءات التقشفية وتم إخلاء سبيلهم بعد انتهاء الاحتجاجات في فبراير.
• وأوقفت قوات الأمن في يوم 14 يناير عدد من النشطاء اليساريين، وتظاهر عشرات من أعضاء الجبهة الشعبية أمام محكمة قفصة جنوب تونس يوم 2 فبراير للمطالبة بالإفراج عن 3 من المسئولين بالحزب هم المنسق الجهوي لحزب العمال حبيب تباسي، والكاتب العام لاتحاد الشغل الجهوي جمال شعيشع، والعضو بحزب العمال اليساري طلال تباسي وتم إخلاء سبيلهم من المحكمة على ذمة القضية في نفس اليوم.
• كما ألقت قوات الأمن القبض على العشرات من شباب حملة “فاش نستناو” “ماذا ننتظر؟” في 14 يناير باعتبارهم الداعيين للتظاهرات التي شهدتها تونس احتجاجا على رفع الأسعار وإجراءات التقشف، وهو ما دفع إلى تجدد المظاهرات الرافضة لممارسات قوات الأمن في العديد من أنحاء تونس يومي 15 و16 فواجهتهم الداخلية بالقوة المفرطة ما أدى لعشرات الإصابات واعتقال العشرات وتم الإفراج عنهم في 2 فبراير.
وفي نفس اليوم 2 فبراير حاصرت وزارة الداخلية وقفة تضامنية نظمتها اللجنة التضامنية مع الأسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبدالله وذلك أثناء زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للمدينة العتيقة بتونس ومنعت قوات الأمن المشاركين بالوقفة من الانطلاق بمسيرة في شارع الحبيب بورقيبة، وألقت القبض على أحد المشاركين ويدعي حميد المزوغي، وتم إحالته للنيابة بتهمة “إنزال علم دولة أجنبية” وتم اطلاق سراحه في اليوم التالي بعد عرضه على النيابة.
• وفي 7 مارس احتجزت قوات الأمن مجموعة من الشباب العاطلين عن العمل الذين نظموا اعتصاما في مواقع استخراج الفوسفات في محافظة قفصة وسط تونس، احتجاجا على عدم توظيفهم، وتم إخلاء سبيلهم من قبل النيابة بعد أن وجه لهم اتهامات بتعطيل المرور والتعدي على السلطات.
• وفي 17 مايو اعتدت قوات الأمن بمدينة جلمة من محافظة سيدي بوزيد على فلاحي وسكان المنطقة الذين رفضوا تشغيل إحدى آبار المياه بمنطقة “السوايبية”، واستعملت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع بشكل مفرط والهراوات لتفريق المحتجين، ما نتج عنه إصابة العشرات بجروح، الأمر الذي دفع بالاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد إلى إعلان الإضراب العام احتجاجا على استعمال القوة ضد الأهالي واستمر الاضراب لمدة يوم واحد تنديدا بالتعدي على السكان.
الانتهاكات ضد المدونين والقوى سياسية
• أوقفت قوات الشرطة الناشط والمدون قيس البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد، في 14 يناير وتم التحقيق معه واحتجازه لمدة 3 أيام ثم تم الإفراج عنه، وذلك بعد نشره عدة تدوينات على حسابه في موقع التواصل “فيسبوك” يدعو فيها إلى التظاهر ضد الحكومة بسبب الغلاء وإجراءات التقشف.
• وفي 5 سبتمبر وحتى 10 من نفس الشهر استدعت الشرطة بباحة عضو حزب المؤتمر طارق الغمري 3 مرات وأحالته للتحقيق أمام النيابة بسبب تدوينات عبر “فيسبوك” ضمن حملة “وينو البترول” المناهضة للفساد ثم حققت معه النيابة وقررت إطلاق سراحه على ذمة القضية
• وفي ذات الشهر يوم 7 سبتمبر قامت الشرطة باعتقال المدون والناشط السياسي يمن السالمي واستبقت القضاء من خلال تأكيدها الاشتباه بانتمائه لجماعات إرهابية ونشره تدوينات تكفيرية، في حين أن النيابة حفظت القضية في التاسع من سبتمبر ولم توجه له اتهام.
• بينما أصدرت محكمة ابتدائية يوم 13 سبتمبر حكمًا بالسجن شهرين على المدونة والناشطة السياسية أمينة منصور بسبب تدوينة عبر حسابها الشخصي فيس بوك نقلت فيه معلومات تفيد بوجود شبهة فساد في هيئة الجمارك، وأطلقت المحكمة سراح أمينة انتظارا للاستئناف على قرار حبسها.
• وفي 1 نوفمبر قضت المحكمة العسكرية بالسجن 3 أشهر مع الشغل والنفاذ للنائب والمدون ياسين العياري بتهمة الإساءة للمؤسسة العسكرية بعد تدوينه على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك واستأنف العياري على الحكم وتم تأجيل نظر القضية إلى 6 ديسمبر.