واقع فلسطيني مرير، جزء منه انتهاك حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام، فبين سلطة الاحتلال الإسرائيلي وبين سلطة فلسطينية تهدر حق الصحفيين والمدونين، وقف الصحفيون والنشطاء حائرون.
على مدار 2018، شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة، العديد من وقائع انتهاك حرية التعبير، واستهداف واضح للصحفيين والإعلاميين وحاملي الكاميرا والميكرفون.
وليس مجازا إن قلنا، ان أوضاع حرية التعبير والصحافة في فلسطين خلال 2018، هي اوضاع مأساوية ، حيث الاحتلال يريد القضاء على أي أصوات صحفية وإعلامية تفضح انتهاكاته في حق الفلسطينيين، الأمر الذي وصل حد تدمير مقر قناة تلفزيونية بصواريخ مقاتلات الاحتلال في قطاع غزة.
أيضا كانت إدارة موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” حاضرة فيما يخص القمع، خاصة مع قرارها بحجب وحذف وحظر عشرات الصفحات والحسابات الخاصة بالمقاومة والشبكات الإخبارية الفلسطينية، بزعم أنها “تحرض ضد إسرائيل”.
وفيما يلي نماذج من الانتهاكات
الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين
• في 8 يناير 2018، أصيب المصور الصحفي “عادل أبو نعمة”، مراسل وكالة أنباء رويترز، بعد قيام أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، بضربه بالهراوات على رأسه ما تسبب في إصابات بالغة وارتجاج في المخ، نقل على أثرها للمستشفى فاقدا للوعي.
ووقع الاعتداء أثناء تغطية أبو نعمة لمواجهات اندلعت بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال في المدينة الفلسطينية، وكلّف أبو نعمة بتغطية وقائعها.
ثم تكرر الاعتداء على نفس الصحفي في 23 فبراير 2018، بعد استهدافه بقنبلة غاز في القدس المحتلة أثناء تغطيته مظاهرات فلسطينيين ضد اقتحام يهود للمسجد الأقصى.
• وفي 23 يناير 2018، احتجزت قوات الاحتلال، مراسل تلفزيون فلسطين “محمد عبدالقادر” وطاقم القناة المرافق له، وذلك أثناء تصويره واقعة تجريف أراض فلسطينية، في قرية كفر الديك.
• وفي نفس اليوم، قامت قوات الاحتلال بمصادرة معدات قناة فلسطين واحتجاز طاقمها بالكامل، لأكثر من 6 ساعات، بعد محاولتهم تصوير عمليات تجريف الأراضي الفلسطينية، قبل أن تخلي سبيلهم بعد التواصل مع ضابط من الشرطة الفلسطينية.
• وفي 15 فبراير 2018، اقتحمت قوات الاحتلال منزل الصحفي “عبد المحسن تيسير شلالدة”، وقامت بتفتيشه والعبث بمحتوياته وأجهزته الشخصية (لابتوب وأجهزة تليفون محمول)، ثم اعتقلته بعد ذلك.
وظل الصحفي لأكثر من 3 أيام في يد سلطة الاحتلال، يتم التحقيق معه على خلفية عمله الصحفي كمراسل لشبكة “قدس.نت” الإخبارية الفلسطينية، قبل أن يتم التصعيد من قبل صحفيين فلسطينيين للمطالبة بالإفراج عنه، وهو ما جرى بعد ذلك.
وأيضا ليست هذه المرة الوحيدة التي تعرض لها عبد المحسن شلالدة للانتهاك، حيث جرى اعتقاله في يونيو 2018 وقدم للمحاكمة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، وحصل على البراءة في 20 نوفمبر 2018.
• وفي 4 أبريل 2018، حقق جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني مع الصحفي “مصطفى على صبري”، مراسل جريدة القدس في مدينة قلقيلية الفلسطينية، بعد احتجازه لساعات طويلة ومصادرة هويته وهاتفه.
وتناول التحقيق مع الصحفي مصطفى صبري، أسئلة حول عمله ومصادر دخله ومصادر المصاريف الدراسية لأبنائه في الجامعة، بزعم أن مصادرها جهات غير قانونية، وهو ما نفاه الصحفي خلال التحقيق.
وبعد أكثر من 12 ساعة من الاحتجاز والتحقيقات، هدد الصحفي بالدخول في إضراب عن الطعام والشراب، معلنا رفضه الخضوع لكشف طبي داخل الجهاز، وفي النهاية قررت السلطات إطلاق سراحه.ولكنها لم تكن أيضا المرة الأخيرة التي يتعرض فيها للاستدعاء والتحقيق، حيث استدعي 4 مرات هذا العام وتم والتحقيق معه ثم أخلي سبيله سبيل.
• وفي 13 من الشهر نفسه، أبريل 2018، قتل قناص من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، مصور ومؤسس شركة “عين ميديا” الفلسطينية للإعلام، ياسر عبد الرحمن مرتجي.
وتلقى ياسر رصاصة في البطن من قناص في جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال تغطيته مسيرة العودة (جمعة الكوشوك) والتي انطلقت في قطاع غزة، للتأكيد على حق العودة للفسطينيين.
• وفي 27 أبريل، أثناء فعاليات خامس مسيرات العودة (التي كانت تنطلق أسبوعيا عقب صلاة الجمعة) أصيب حوالي 14 فلسطينيا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعضها إصابات بالغة الخطورة.
ومن بين الذين أصيبوا خلال التغطية، الصحفي عبد الرحمن هاني الكحلوت، والذي تلقى رصاصة متفجرة في قدمه، وأيضا ومديرة مكتب قناة “الميادين” في غزة الصحفية لينا شاهين، بعد تلاقيها رصاصة مطاطية في اليد اليمنى.
بالإضافة إلى إصابة العديد من الصحفيين والمصورين بحالات اختناق نتيجة قنابل الغاز المسيل للدموع.
• ووجه جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني التابع للسلطة، اتهامات في 3 يونيو للصحفي عبد المحسن بسبب عمله في شبكة قدس وبعض تدويناته ومنشوراته على حسابه بـ”فيسبوك” ضد سياسات السلطة الفلسطينية والمطالبة برفع العقوبات عن قطاع غزة المحاصر.
• واعتقلت شرطة السلطة الفلسطينية، الصحفي جهاد بركات في يوليو 2017، ووجهت له اتهاما بـ”تصوير موكب رئيس الحكومة الفلسطينية بالقرب من حاجز عنابي الإسرائيلي”، قبل أن تصدر المحكمة قرارها بالبراءة.
• وفي 15 أغسطس، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، اعتقال الصحفي “علي دار علي”، مراسل تلفزيون فلسطين في مدينة رام الله، بزعم نشره موادا تحريضية ضد سلطة الاحتلال على حسابه بـ”فيسبوك”.
وجاء اعتقال الصحفي علي دار، بعد اقتحام قوات الاحتلال منزله وتفتيشه ومصادرة معداته وأدواته الشخصية.
وفي صباح اليوم التالي، قررت محكمة عسكرية إسرائيلية تمديد حبس الصحفي علي دار، واستمر أمر تمديد الحبس حتى تحركت نقابة الصحفيين الفلسطينيين وأعربت عن إدانتها استمرار الاحتلال في استهداف الصحفيين والإعلاميين، إلى أن قررت المحكمة في 12 سبتمبر إطلاق سراحه بكفالة.
• وفي 30 سبتمبر 2018، أصدرت محكمة رام الله قرارها برفض استئناف النيابة وتأييد براءة الصحفي من جميع المتهم الموجهة إليه.
• بينما واصلت السلطة الفلسطينية انتهاكاتها، حيث تلقى الصحفي “عامر أبو عرفة” صباح 7 أكتوبر 2018، استدعاء من المخابرات الفلسطينية للحضور أمامها. وتوجه الصحفي في اليوم التالي، وفوجئ أنه أمام قرار إداري بالاعتقال.
ولأكثر من 24 ساعة احتجاز، تعرض الصحفي لتحقيقات متعددة وأسئلة متكررة حول عمله مراسلا لوكالة شهاب الفلسطينية في قطاع غزة، وكيفية التواصل مع إدارة الشبكة.
كما سئل عن بعض التدوينات التي ينشرها الصحفي على حسابه الشخصي مع مطالبات عديدة بفتح حسابه على “فيسبوك”، والتي رفضها الصحفي.
وفي مساء اليوم التالي، قرر المحقق إطلاق سراحه بعد تهديدات بالتتبع والمراقبة المستمرة.
• وفي 12 نوفمبر 2018، استهدف طيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقر قناة الأقصى في قطاع غزة، بـ6 صواريخ، ما أدى إلى تدميره تماما.
تزامن ذلك مع الحملة العسكرية الإسرائيلية الموسعة التي استهدفت قطاع غزة وأسفرت عن مقتل فلسطينيين برصاص الاحتلال.
وتصادف الاستهداف مع قرار إدارة القناة في الضفة الغربية بإخلاء المقر في قطاع غزة، ما أدى إلى نجاة جميع العاملين، إلا أن المقر تم تدميره الكامل.
الاحتلال وفيس بوك يقمعوا نشطاء الإنترنت
كان العام 2018 شاهدا على استمرار إدارة موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم، فيسبوك، في استهداف وتتبع المحتوى الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى حجب عشرات الصحفات الإعلامية والصحفية والسياسية الخاصة بالفلسطينيين ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
• حيث فوجئ مستخدمو موقع “فيسبوك”، في صباح 20 فبراير، بعشرات الانتهاكات ضد الصفحات والحسابات الفلسطينية، تنوعت بين غلق وحظر وحذف محتوى.
وكانت أبرز الحسابات التي تم حجبها “صفحة فلسطين ٢٧ التي تهتم بالقضية الفلسطينية وتاريخها، وصفحة شبكة النورس الإخبارية، وصفحة مجلة إشراقات، وصفحة عشيرة آل جرار، وصفحة تلفزيون الفجر الجديد، وصفحة الضفة الإخبارية، وصفحة ديموس الفكرية، وصفحة “مش هيك” الساخرة، وصفحة موقع الساعة الثامنة”
وجاء إقدام “فيسبوك” على هذه الخطوة، بمذكرة التفاهم والتعاون التي وقعتها إدارة الموقع مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بزعم متابعة “الصفحات التحريضية” ضد إسرائيل.
بينما عادت بعض الصفحات المحجوبة للعمل مرة أخرى، بينما مازال البعض الأخر محجوبا، ما دفع مؤسسي هذه الحسابات لاسيما الإعلامية والإخبارية منها، لتأسيس بديل.
• وفي 5 مارس 2018، تظاهر صحفيون فلسطينيون أمام مقر الأمم المتحدة في قطاع غزة المحاصر، رافعين لافتات تدين حجب “فيسبوك” الحسابات الخاصة بالشبكات الإخبارية التي يعملون فيها.
• بينما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في 13 يونيو 2018، الناشط والمدون الفلسطيني “شهاب مزهر”، بعد اقتحام منزله في مخيم “الدهيشة” بالضفة الغربية، والاعتداء عليه بالضرب والسحل.
ونقل مزهر إلى المستشفى بعد تعرضه لإصابات بالغة في الرأس والقدم. وفي اليوم التالي قررت محكمة عسكرية إسرائيلية حبسه إداريا لمدة 6 أشهر، دون الكشف عن الاتهامات الموجهة إليه بزعم أن ملف قضيته سري للغاية.
وفي صباح 3 ديسمبر، قررت المحكمة العسكرية نفسها تمديد الاعتقال الإداري للناشط لمدة 6 أشهر أخرى.
ويعد شهاب مزهر أحد نشطاء العمل الاجتماعي في الضفة الغربية وله العديد من التحركات السياسية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي وأيضا مشاركته في العديد من المسيرات والفعاليات الداعمة للأسرى.
• وفي 16 أكتوبر، منعت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، ندوة ثقافية ينظمها “ملتقى المثقفين المقدسي”، بالقدس المحتلة في الذكرى الـ20 لرحيل المثقف والكاتب الفلسطيني حسني الأشهب.
ولم يتوقف الأمر عند منع الندوة، بل قرر الاحتلال استدعاء الكاتب والمحامي الفلسطيني طلال أبو عفيفة للتحقيق معه، وتوجيه اتهام إقامة ندوة ثقافية ممولة من السلطة الفلسطينية في رام الله.
إلا أن التحقيق لم يجر مع الكاتب واكتفوا في يوم التحقيقات معه بتسليمه ورقة رسمية لمنع إقامة الفعالية في القدس أو أي مدينة أخرى تخضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي.
انتهاك حرية الرأي الجماعي بقمع المظاهرات
• منذ 30 مارس 2018، ذكرى يوم الأرض الفلسطيني وحتى 30 أكتوبر، واصل الاحتلال الإسرائيلي استهدافه للمتظاهرين السلميين والذين خرجوا في مظاهرات على حدود قطاع غزة كل يوم جمعة فيما أطلقوا عليه “مسيرات العودة”.وتأتي مسيرات العودة لتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين الذين يتم تهجيرهم والاستيلاء على أراضيهم وبناء المستوطنات الإسرائيلية بدلا منها وتشريد أصحابها.
• وفي 3 يوليو 2018، أصيبت 3 فتيات فلسطينيات برصاص الاحتلال الإسرائيلي، بعد خروجهن في مسيرة نسائية بشعار “فلسطينيات نحو العودة”.
وبعد تقدم المسيرة النسائية لحدود قطاع غزة شرق حي الزيتون، أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي النار صوب المتظاهرات.
وأدت الإصابات الخطيرة اللاتي تعرضن لها لنقلهن في حالة حرجة إلى مستشفى دار الشفاء وسط قطاع غزة، لتلقي العلاج والإسعافات اللازمة.