تؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان رفضها الكامل للإجراءات التعسفية التي بدأت السلطات المصرية في اتخاذها بهدف التنكيل بالنشطاء السياسيين على خلفية رفضهم السلمي للتعديلات الدستورية التي تم إقرارها في استفتاء شعبي نهاية شهر أبريل الماضي، بنسبة موافقة بلغت 88.83%، بحسب الهيئة العليا للانتخابات. وتطالب المؤسسات الموقعة أدناه السلطات في مصر بالإفراج الفوري -غير المشروط- عن الشباب المقبوض عليهم، كما تُحمِّل المؤسسات قوات الأمن مسؤولية سلامة هؤلاء الأشخاص الجسدية في حال تعرضهم لأي انتهاكات رافقت عمليات القبض عليهم والتحقيق معهم.
كانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على الناشط السياسي أحمد بدوي، عضو حزب مصر القوية، في ثاني أيام الاستفتاء على التعديلات الدستورية 21أبريل 2019، وذلك على خلفية قيامه برفع لافتة تدعو المواطنين لرفض التعديلات الدستورية. وفي نفس اليوم ألقت قوات الشرطة القبض على أمير عيسى، أمين العمل الجماهيري بحزب الدستور، من أمام مدرسة بمنطقة قليوب أثناء تصويرة مخالفات تتم أمام لجنة الاستفتاء. كذلك تعرضت الناشطة عبير الصفتي للاعتقال في ثالث أيام الاستفتاء 22أبريل 2019أثناء سفرها مستقلة ميكروباص من القاهرة للإسكندرية، حيث كانت “عبير”في طريقها لمركز كفر الدوار حيث تقيم وتنفذ التدابير الاحترازية المقررة عليها في القضية رقم 718لسنة 2018حصر أمن دولة (المعروفة بمعتقلي المترو)، عندما أوقف قوات الشرطة الميكروباص عند وصوله وطالب ركابه بالنزول للتصويت جبرًا في إحدى اللجان الانتخابية، ما أدى لاحتجاج الركاب والقبض على أحدهم ثم القبض على عبير.
ظل “بدوي”رهين الإخفاء القسري لمدة 6أيام قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة العليا، حيث جرى التحقيق معه على ذمة القضية رقم 674لسنة ٢٠١٩ أمن دولة عليا، ووجهت النيابة له اتهامات؛ الانضمام لجماعة إرهابية واستخدام حساب خاص على شبكة الإنترنت بقصد ارتكاب جرائم معاقب عليها قانونا للإخلال بالأمن العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر. ولم يُواجَه “بدوي”بأية أحراز، مع العلم أن محامو “بدوي”أثبتوا في محضر تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، أنه بعد القبض عليه تم اقتياده لقسم أول التجمع الخامس واحتجازه بشكل غير قانوني بمقر الأمن الوطني المُلحق بقسم الشرطة، ولم يتم عرضه على النيابة العامة بل جرى استجوابه من قِبل ضباط الأمن الوطني لمدة أربع ساعات مع منعه من الاتصال بالعالم الخارجي سواء محاميه أو أسرته، وظل مغمي العينين ومقيد بأصفاد حديدية في مقعد كان يجلس عليه خلال ٦ أيام منالاختفاء القسري. أنكر خلالها ضباط قسم أول التجمع الخامس معلومة القبض عليه أو وجوده. وقررت نيابة أمن الدولة العليا تعويد “بدوي”لاستكمال التحقيق في جلسة 9مايو الجاري.في حين ظهر “أمير عيسى”يوم 30أبريل 2019بنيابة أمن الدولة العليا على ذمة نفس القضية مواجها نفس الاتهامات، بعد أن تعرَّضللإخفاء القسري لمدة ثمانية أيام، وقررت النيابة حبسه 15يومًا على ذمة التحقيقات.
بينما تعرضت “عبير”للإخفاء القسري أيضًا لمدة يومين أيام دون أن تتمكن أسرتها من الاتصال بها، ما دفعهم لتقديم بلاغات للجهات المعنية، حتى ظهرت يوم 28أبريل 2019في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة نفس القضية (رقم 674لسنة 2019حصر أمن دولة عليا)، حيث وُجِّهت لها اتهامات؛ الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لارتكاب جريمة معاقب عليها قانونا بهدف الإخلال بالنظام والأمن العام. وقررت النيابة حبسها خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.
جدير بالذكر أن قوات الأمن ألقت القبض على 4أعضاء منتمين لحزب الدستور، من محافظات؛ القاهرة، الجيزة وأسوان، بعد إعلانهم عن رفضهم للتعديلات الدستورية. ففي 22فبراير 2019قُبض على كلًا من أحمد الرسام، أمين الإعلام بالحزب، ورمضان أبو زيد، عضو الهيئة العليا للحزب بمحافظة المنيا، أثناء خروجهما من اجتماع الأمانة العامة بالحزب، وذلك من مقر الحزب بالدقي. بينما قُبض على هلال سمير من منزله بمحافظة القاهرة، ومن محافظة أسوان قُبض على جمال فاضل من منزله أيضًا. وقررت نيابة أمن الدولة العليا حبسهم احتياطيًا على ذمة قضيتين مختلفتين، حيث وجَّهت لنيابة لكلًا من أحمد الرسام، هلال سمير وجمال فاضل؛ اتهام الانضمام لجماعة إرهابية في القضية رقم 277لسنة 2019حصر أمن دولة عليا، بينما تم حبس رمضان أبو زيد على ذمة القضية رقم 1739لسنة 2018لاتهامه بمشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، واستخدام حساب خاص على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر وبث أخبار وشائعات كاذبة غرضها الإضرار بالأمن القومي. يُذكر أن اثنين منهم سجَّلوا مقاطع فيديو نُشرت على صفحة “الموقف المصري”على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”للتعبير عن رفضهم للتعديلات الدستورية.
تؤكد المؤسسات الموقعة أدناه على رفضها التام للتنكيل بمعارضين سياسيين لمجرد تعبيرهم السلمي عن رأيهم في قضية التعديلات الدستورية، والزج بهم إلى السجن باتهامات واهية متكررة في أغلب القضايا التي تنظرها نيابات أمن الدولة، في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها مصر لأكثر من عامين متتاليين منذ إعلانها للمرة الأولى في 2017. وتُبدى المؤسسات تخوُّفها الشديد من اتساع نطاق عمليات القبض لتشمل معارضين آخرين عبَّروا عن رفضهم للتعديلات بشكل سلمي عبر القنوات الشرعية المتاحة. كما تؤكد المنظمات أن سجن معارضي التعديلات الدستورية، وغيرها من الممارسات التي تزامنت مع عملية الاستفتاء على التعديلات الدستوريةمن إجبار المواطنين على التوجه للجان التصويت، والرشاوي الانتخابية، ومنع الصحفيين من مراقبة عملية فرز الأصوات، قد مثلت جميعها طعنًا واضحًا في نزاهة عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية برمتها. وتشدد على أنها أيضًا قد خالفت التزامات مصر الدولية تجاه تعزيز وتوطيد الديمقراطية وفقًا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 55/96لعام 2001، والذي ناشد الدول الأعضاء بتعزيز الديمقراطية وتوطيدها بكافة السبل والتي من بينها إشراك الأفراد إلى أقصى حد في عملية صنع القرارات، لا بتقييد حرية التعبير وإلقاء القبض علىمعارضي التعديلاتوإخفائهم قسريًاثم إلقائهم في غياهب السجون لمجرد تعبيرهم عن أراءهم التي لم تأتي على وفاق مع توجهات السلطة الحالية. وتعيد المنظمات الموقعة التذكير بالتزامات مصر الدولية تجاه احترام وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وفقًا لنص المادة 19من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
المنظمات الموقعة:
• الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
• المفوضية المصرية للحقوق والحريات
• مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
• مركز النديم
• مركز عدالة للحقوق والحريات
• مؤسسة حرية الفكر والتعبير